في حلقةٍ جديدة شديدة القيمة والثراء من برنامج “جدد حياتك”للمذيعة الراقية غادة السمان تحدث الضيف الكريم الدكتور العالِم حسام عقل عن منهج الإسلام في مواجهة الأزمات، موضحاً المعالجة الدينية الصحيحة لهذه الجائحة المخيفة “الكورونا”.
استهل الدكتور حسام عقل حديثه. بتوضيحٍ هام أن الابتلاءات والجوائح ليست دليلاً على العقاب، مشيراً إلى أن مكة أرض الحرم لم تسلم من هذا الوباء، كما أن المرض بالتحديد ليس دليلاً على العقاب واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعرض للحمى، فلا بد إذن من أن نحسن فهم منهجية الإسلام في كل المحن.
ثم تحدث عقل عن خطورة المحنة التي نمر بها الآن وفشل أعظم الدول وأعتى المعامل في اكتشاف مصل لهذا الوباء، وكيف أن هذا الفيروس حطم غرور هذه الدول وثقتها في نبوغها علمياً، وكَمم الأفواه، ليتبقى لهم فقط الاعتراف بالقدرة الإلهية المطلقة التي لا تضاهيها كافة الأبحاث والإمكانيات ولو بقدر ذرة إلا بإذن الله تعالى.
ثم أشار عقل إلى مقارنةٍ هامة جداً بين صحيفة “نيوز ويك” التي استنكرت الأديان منذ عشرين عاماً وموقف نفس الصحيفة الآن والتي باتت تتضرع إلى السماء، تركع ولا تكُف عن الابتهال لله عز وجل لزوال الغُمة، ويالها من مقارنةٍ ومفارقةٍ ودرس تقشعر له الأبدان.
وأشار عقل الي أن القدرة الالهية مطلقة ألزمت الجميع أن يؤمن أن العلم مجرد أسباب وأن في الأصل هناك مسبب لهذه الأسباب،. هذه فائدة مستفادة، وهناك فائدة أخرى لا تقل أهمية هي تواري فئات مجتمعية كانت في المقدمة رغم ضآلة قيمتها لتشرق فئات أخرى تغامر بأرواحها في سبيل الواجب والوطن كالأطباء مثلا، هؤلاء هم من يستحقون الإشادة والتقدير والعرفان.
ثم وضح الضيف الجليل د.حسام عقل كيف تجلت القدرة الإلهية في المعركة الضارية بين الفيروس وجهاز المناعة، حيث يسحق هذا الجهاز الفيروس بنسبة كبيرة جداً فتنتصر بذلك القدرة الإلهية الفائقة وتجبر الملاحدة على الصمت المطلق والتواري وراء الخيبات.
انتقل بعد ذلك لمقال هام جداً كتبه العالم الأكاديمي الأمريكي الايرلندي ( كوريج كونسيدين)، في صحيفة ” نيوز ويك” أيضاً، أشاد فيه بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من كافة الجوانب ولم يكن هذا المقال حديثه الأول بل سبقه عدة مقالات تعطرت بشذى السيرة النبوية الشريفة، وفي هذا المقال تحديداً اعتمد المضمون على الحديث الشريف” إذا سمعتم عن الطاعون بأرضٍ فلا تدخلوا عليه، وإذا نزل الطاعون بأرضٍ أنتم فيها فلا تخرجوا منها”.
وهكذا جاءت التوصية، عزل صحي كامل.
وردت هذه التوصية مرة أخرى في حديثٍ مختصر مفيد
” لا يوردن مُمرِض على مُصح”، أيضاً حذر من المصافحة أثناء فترة المرض ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد رفض مصافحة مريض أثناء البيعة وبايعه من بعيد، وأيضاً في الطب لم يعتمد فقط على طب الأعشاب وإنما طب الدواء والملاحظة والتجريب.
وهكذا اهتز هذا العالِم لحب النبي صلى الله عليه وسلم واقتنع بفكره وصلاحية هذا الفكر للإستمرار.
وها هي بلاغة براهين النبوة تسطع من جديد ومن مقال لعالِم ليس من المسلمين. وكان لهذا المقال من اهتمام د.حسام ما جعله يوصي بالإشارة إليه بل وتدريسه ” كما سيفعل هو مع طلابه”.
ثم وجه دعوة للمجتمع بالثبات ورباطة الجأش واستبشر خيراً أن تنقشع الغمة بارتفاع درجة الحرارة والالتزام بالمحاذير ومقاومة الإحباط واليأس بحسن الظن بالله حتى لا تتعرض للانهيار.
وأخيراً تحدث عقل عن الخطاب الديني وكيف يجب أن يسمع الخطيب ما يقوله العالم الآن وأن يركز على الحس الإنساني وكيف يتعايش الفُرقاء وكذلك استثمار الأزمات لتمهيد الخطاب الديني دون استعلاء.
هكذا كانت الحلقة رائعة بضيفها ومحتواها وإدارة راقية منظمة من إعلامية أزعم أحقيتها بالصفوف الأولى.
شكراً د. حسام على هذه الإفادة وهذا الطرح البناء الشامل، والشكر موصول للأستاذة الإعلامية غادة السمان.